السبت، مارس 14، 2009

"المخلّلون" أضاعوا المساهمين في الفضائيات!!

جريدة الرياض اليومية
الجمعه 16 ذي الحجة 1427هـ - 5 يناير 2007م - العدد 14074

عوض بن سحلي الخناني

في هذه الأيام الممطرة والجو الرائع، يعاني سوق الأسهم السعودي من تذبذبات عنيفة أدت إلى هلع شديد بين أوساط المتداولين أنستهم كل معاني الجمال والفرح والسعادة، بل أنستهم أن هناك إجازة قادمة يجب الإعداد لها، ومن مازال يتذكر أن هناك إجازة أصبح لا يملك ثمن تذاكر الطيران.
وفي هذه الأجواء يظهر علينا العديد من المحللين (على مختلف القنوات الفضائية) الذين تتفاوت مستوياتهم الفكرية والعلمية ليتفننوا في التعبيرات الإنشائية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لتنحصر فتواهم في:
أنه لا توجد آليات للسوق، السوق يمر بحالة نفسية، عدم وجود ثقة في السوق ويجب إعادة الثقة، لا توجد رقابة، عدم معاقبة المخالفين، تسييل المحافظ، البيع الشمولي وسياسة القطيع، غياب صانع السوق، الخلل الهيكلي، عدم وجود سوق ثانوي، ويدورون صباحاً ومساء في حلقة مفرغة لا نهاية لها.
وكل ما سبق كوم واختلاف مستوياتمه التعليمية كوم آخر، فمن باب المفارقة أن هناك من هم حاصلون على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد أو في إدارة الأعمال أو في المحاسبة وهم أساتذة أكاديميون في الجامعات السعودية، (وهؤلاء نجلهم ونحترمهم ونقدر آراءهم)، وأما الآخرون فحدث ولا حرج حيث لم يستطع البعض منهم الحصول على الثانوية العامة (إلا بشق الأنفس وبعد عدة سنوات) ومن كثرة تنططهم من صالة أسهم إلى أخرى ومن خلال العلاقات الشخصية والصداقة مع بعض المقدمين والصحفيين أصبحوا كتاباً وخبراء في الاقتصاد، ولو وجهنا لأحدهم سؤالاً عن التعريف العلمي لأحد المصطلحات الاقتصادية لما استطاع أن يعرف الجواب، بل ان أحدهم سأله أحد المشاهدين عن كيفية استخراج نقاط الدعم والمقاومة فقال: هناك معادلة لاستخراج نقاط الدعم والمقاومة، ولكنها لا تحضرني الآن.
وما تعرفه ابنتي في الصف الأول ابتدائي أن 4+ 4= 8ولا يمكن في يوم من الأيام أن تصبح 9سواء من وجهة نظري أو وجهة نظرك، إلا أن بعض المحللين يصرون على أن يعطوا وجهة نظرهم في التحليل الفني، ومن المعروف أن التحليل الفني ينبني على معادلات رياضية ورسوم بيانية (وان لم يتجاوب معها السوق) لا مجال لأن يختلف فيها اثنان إلا في حالات نادرة، فيقول أحدهم بناء على التحليل الفني فإن السوق غدا في اتجاه صاعد وسوف يصل المؤشر إلى كذا، بينما يقول آخر وفي نفس اليوم ان السوق في قناة هابطة وسوف يصل المؤشر إلى كذا وأتوقع كذا (والمصيبة في التوقعات، والله يعين المتداولين) لأنه من الممكن أن تختلف الآراء الاقتصادية وذلك لتعدد النظريات الاقتصادية، إلا أنه لا يمكن أن تختلف الآراء في الأرقام.
ومن الإجحاف أيضاً أن تستضيف القنوات الفضائية استاذاً جامعياً ليناظر أحد أولئك المخللين، فكان من أقل الواجبات أن يكون هناك تقارب ولو بسيط في المستوى العلمي أو العملي بينهما.
أرجو من هيئة سوق المال وعلى رأسها معالي الدكتور عبدالرحمن التويجري أن تقنن عملية ظهور المحللين في القنوات الفضائية، وأقترح أن يسمحوا فقط للأكاديميين ومن حملة الشهادات الجامعية والدراسات العليا وكذلك لمن لديهم خبرات عملية متخصصة (موثقة) سواء في القطاع العام أو الخاص، وأن يحتفظوا لأنفسهم بالتوقعات الشخصية لمسار السوق في الأيام التالية.
ولا أملك إلا أن أدعو بالرحمة لمن توفي وبالتعويض لمن خسر وبالشفاء العاجل لمن يرقدون على الأسرة البيضاء جراء إصابتهم بأمراض نفسية أو عضوية وصدق القاتل (مصائب قوم عند قوم فوائد).
@مدير مالي سابق
تخصص إدارة أعمال

ليست هناك تعليقات: