السبت، مارس 14، 2009

ثقافة الهدم ونشوة التدمير..!

جريدة الرياض اليومية
ثقافة الهدم ونشوة التدمير..!
عوض بن سحلي الخناني

النشوة عبارة عن لذة عارمة وأحاسيس خاصة تصيب الإنسان بعد قيامه بانجاز عمل ما يتناسب مع ما يؤمن به من مبادئ وقيم في الحياة، ولكل واحد منا جماليات في حياته (من وجهة نظره) ينتشي من اجلها فهناك من ينتشي بالبناء والانجاز بكافة صوره وأشكاله لأنه يملك عقلاً واعياً وهناك من ينتشي بالهدم أياً كان نوعه، فنشوة الهدم ولذته من وجهة نظر الإرهابيين تعتبر من الصور الجمالية لديهم لأن الأصل أنهم يحملون أفكارا منحرفة وعقولاً مغيبة، والفكر المنحرف هو تقييم العقل للأمور بشكل خاطئ، فنجدهم يهللون ويفرحون وتصيبهم نشوة الفوز والانتصار لأنهم فجروا مبنى او مرفقاً وقتلوا عشرات الأنفس البريئة، وهذا ما نشاهده عبر القنوات الفضائية ومواقع الانترنت من ظهور قادة التنظيمات المتطرفة ومباركتهم لكل عمل تدميري وتوزيعهم صكوك الغفران وجنات النعيم على المنفذين، مع أن أهداف كل قيادات التنظيمات المتطرفة أهداف سياسية بحثه (هو الوصول للسلطة) يغلفونها بغلاف الدين للسيطرة على عواطف أتباعهم باعتبار أن العامل الديني هو الأكثر تأثيراً وأقوى من أي عامل آخر.
الهدم أسهل بكثير من البناء لأن ثقافة الهدم عادة تسير باتجاه معاكس للسنن الكونية وكل عمل يسير عكس السنن الكونية يكون من السهل تنفيذه بعكس الأعمال التي تسير وفقاً للنظام الكوني الذي وضعه الخالق عز وجل (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً).
إن العمل الإرهابي المتكامل والذي يسعى الى الوصول للسلطة يقوم على ثلاثة مبادئ:
الأولى: فكري (تخطيط - تنظيم - توجيه) ويشمل ذلك أيضا التنظير والتحريض والتبرير والتمويل.
الثاني: القوة الذهنية الإيمائية.
الثالث: القوة المسلحة (تنفيذ وسيطرة).
فعندما تتوفر لهم المقومات الثلاثة فإنهم من خلال قوة السلاح يسيطرون على المجتمع ويستغنون بقدر كبير عن القوة الذهنية، وبما أن الإرهابيين لم يتوصلوا (ولله الحمد والمنة، ولن يتوصلوا بإذن الله) إلى قوة السلاح المسيطرة فإنهم يعتمدون حالياً، على القوة الذهنية الإيمائية (كما عرفها الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه) المتمثلة في الحذر، الأناة، الحيلة، الإخفاء، السيطرة على الذات خاصة بعد الانجاز الأمني ألاستباقي الكبير الذي حققته وزارة الداخلية.
وهناك ثلاث حالات من الوعي في نظرتنا كمجتمع سعودي للأعمال الإرهابية.
الحالة الأولى:
مشاهدة الحدث دون المشاركة فكرياً أو سلوكياً سواء كانت مشاركة ايجابية أو سلبية.
الحالة الثانية:
المشاركة الفعلية في الحدث حيث يمثل رجال الأمن البواسل هنا الجانب السلوكي الايجابي ويمثل المثقفون والكتاب الجانب الفكري الايجابي بينما يمثل الإرهابيون الجانب السلبي.
الحالة الثالثة:
تتمثل فيمن يغضون الطرف عن هذه الأحداث وهنا تظهر حالة الإيماء من الحذر الإخفاء الأناة، الحيلة، والسيطرة على الذات، وهؤلاء يعيشون صراعاً داخلياً مع أنفسهم هل يظهرون ما يخفون في صدورهم؟ أم يسيرون على ما هو معروف وظاهر عليهم هل يفرحون قياساً على ما يعلمون في أنفسهم وما ترسب في اللاوعي لديهم؟ أم يعارضون بناءً على نظرة المجتمع وتقييمه لما يحدث.
وكل الحالات السابقة مصائب ومحن إلا أن المصيبة الكبرى هي في الحالة الثالثة والتي تتطلب اختراق وتشريح عقول هؤلاء ومحاولة استكشاف آلية عملها المختلفة والمنحرفة كما تتطلب منا جميعاً التضافر من اجل هذا الوطن الغالي وان نكون مخلصين وعلى قدر كبير من المسؤولية وان لا تأخذنا في الوطن لومت لائم ولا فكر غائم ولا جهل قائم وان نعمل من اجل تعرية كل من يحاول المزايدة على وطننا وعلى تقدمنا وتطورنا، فالوطن والأمن لا يعوضهما شيء على الإطلاق.

ليست هناك تعليقات: